عندما تفشل طموحات الاستدامة

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
مقالات
27 مارس 2024
Cover

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

محاولة شركة هيرتز، وهي واحدة من أكبر شركات تأجير السيارات في العالم ، الدخول في سوق المركبات الكهربائية انتهت بفشل كبير جعل من الشركة ان تعلن بأنها عَدِلَت في الوقت الحالي عن محاولة التحول نحو بدائل صديقة للبيئة. 

لا تعد قصة تجربة هيرتز مع السيارات الكهربائية مجرد قصة عن الطموح  ولكنها أيضًا قصة تحذيرية حول عقبات تبني نموذج تكنولوجي جديد في صناعة تقليدية.

في عام 2021، وبعد خروج شركة هيرتز من إفلاس تسببت فيه الآثار المدمرة لجائحة كوفيد -19 بسبب توقف السفر، حاولت هيرتز أن تستعيد مركزها بتمييز نفسها بإستراتيجية استخدام مركبات كهربائية. 

كانت هذه الخطوة الجريئة مستندة إلى الاعتقاد السائد بأن المركبات الكهربائية هي مستقبل النقل، مدفوعة بالمخاوف البيئية، وتقدم التكنولوجيا، وتغير تفضيلات المستهلكين. 

إستهدفت هيرتز عملاءها من الشركات بالتزامات صفرية صافية من الانبعاثات وشراكة مع شركات الركوب المشترك من مثل أوبر لتقديم مركبات كهربائية للمؤسسات الحريصة على تجنب تكاليف الوقود العالية. هذه الاستراتيجية، التي تم تسليط الضوء عليها من خلال الاستحواذ على ألف سيارة كهربائية وتلقت استحساناً من شخصيات بارزة، كانت تعبر عن التزام هيرتز بقيادة صناعة التأجير نحو مستقبل مستدام.

ومع ذلك حدث ما لم يكن بالحسبان، فقد واجهت هيرتز في تحولها نحو المركبات الكهربائية عقبات كبيرة. تراوحت التحديات من مشكلات تشغيلية، مثل أضرار غير متوقعة للسيارات الكهربائية التي كانت أكثر تكلفة للإصلاح، إلى ديناميكيات السوق الأوسع مثل حروب الأسعار بين منتجي السيارات الكهربائية الذي  أدى إلى تخفيض قيمة السيارات الكهربائية مما انعكس سلباً على قيمة أصول الشركة من هذه السيارات. 

علاوة على ذلك، لعب تمنع العملاء دورًا حاسمًا، حيث واجهت الشركة تردد العملاء في اختيار سيارة كهربائية على سيارة  عادية بسبب عدم الألفة بالتكنولوجيا والقلق بشأن البنية التحتية للشحن. 

هذه العوامل بشكل جماعي أضعفت مبادرة الكهربة في هيرتز، مما أدى إلى انخفاض حاد في قيمة الشركة، مع تسليط الضوء على انخفاض بنسبة 60٪ في قيمة الأسهم وإقالة أو استقالة المدير التنفيذي بشكل مفاجئ.

تسلط تجربة هيرتز الضوء على عدة رؤى حاسمة حول سوق المركبات الكهربائية المستقبلي. أولاً، يكتنف الانتقال إلى المركبات الكهربائية بعدم اليقين، خاصة فيما يتعلق بمعدلات تبنّي المستهلكين لها والتكلفة الإجمالية للملكية، بما في ذلك الصيانة وقيمة إعادة البيع. ثانيًا، يجب على صناعة المركبات الكهربائية وأصحاب المصلحة فيها معالجة تحديات البنية التحتية، بشكل خاص في توسيع وتوحيد شبكات الشحن للتخفيف من قلق السائقين وتعزيز الراحة للمستخدمين. وأخيرًا، يحتاج الإدراك العام وفهم تكنولوجيا المركبات الكهربائية إلى تحسين كبير من خلال التعليم والتجربة لبناء الثقة عموما بالصناعة و تحديداً بالمركبات الكهربائية كبدائل قابلة لمحركات الاحتراق التقليدية.

لكي تنجح صناعة المركبات الكهربائية في اختراق وتوسيع نطاقها ضمن قطاع تأجير السيارات، يجب عليها التغلب على هذه العقبات. يشمل ذلك الاستثمار في بنية تحتية للشحن قوية وسريعة وسهلة الاستخدام، والقيام بحملات تعليمية واسعة للمستهلكين، ومراقبة ديناميكيات السوق عن كثب لتكييف الأسعار ونماذج الأعمال وفقًا لذلك. علاوة على ذلك، يجب على شركات التأجير مثل هيرتز التحول بعناية في استراتيجياتها، وان توازن بين الابتكار والاعتبارات التشغيلية العملية وتفضيلات العملاء.

تكشف لنا تجربة هيرتز في تبني نهج  كهربة أساطيل سياراتها عن التحديات الأوسع التي تواجه صناعة تأجير السيارات و قطاع تصنيع السيارات الكهربائية بشكل عام في الانتقال نحو النقل المستدام.

&nbs