ميدار.نت - دبي

إذا كانت لديك شركة تعمل بكفاءة عالية، في مواجهة ثلاث شركات متواضعة تنافسك في المجال نفسه، إلى أي حد سيؤثر سلوك الشركات الثلاث على حجم إنتاجك وتسعير بضائعك الفريدة من نوعها؟ وهل تختار الاتفاق مع منافسيك لتوحيد التسعيرة، أم تستمر في منافستهم فحسب؟ بهذا النوع من الأمثلة، يقرّب خبراء الاقتصاد فكرة احتكار القلة إلى الأذهان. إنه الاحتكار الحاصل في الصناعات التي يعمل بها عدد قليل من الشركات الكبيرة.

متى يحدث احتكار القلة؟

يحدث احتكار القلة عند وجود شركات ذات حصص كبيرة في السوق، في مجال معين، بحيث تكون نسبة الشركات الأكثر هيمنة على السوق تزيد عن 50%.

وتعد شركات النفط وسلاسل السوبر ماركت وصناعة الأدوية أبرز القطاعات التي يظهر فيها احتكار قلة من الشركات لإنتاج سلع بعينها.

خصائص احتكار القلة

يتميز احتكار القلة بهذه الخصائص:

_ ترابط الشركات المحتكرة مع بعضها البعض، ما يجعل عمل إحداهما مؤثراً على الأخرى، على مستوى التسعير وحجم الإنتاج الذي يعظم الأرباح، وهو ما يسمى بتواطؤ القلة. كما تُعرف اتفاقيات التواطؤ الرسمية بين الشركات باسم الكارتلات.

_ تمايز المنتجات، فعندما لا تتنافس الشركات من حيث الأسعار، تتنافس من خلال تمييز منتجاتها. وهو أمر نشاهده في سوق السيارات، فقد يضيف أحد المنتجين ميزات لكسب مزيد من العملاء، رغم أن سعر السيارة يبقى نفسه.

_ يصبح دخول شركات أخرى على الخط مهمة صعبة، فالحصة السوقية التي تحصل عليها الشركات الكبرى في صناعة ما، تعد عقبة أمام الشركات الجديدة لدخول السوق. على سبيل المثال، إذا تواطأت الشركات المحتكرة معاً، فإنها تضع معايير للأسعار لا تستطيع الشركات الجديدة تحملها، فضلاً عن عوامل أخرى كبراءات الاختراع والتكنولوجيا باهظة الثمن، ما يجعل المنافسين الجدد عاجزين عن اجتياز هذا الحاجز المرتفع.

أنواع احتكار القلة

يمكن التفريق بين نوعين من احتكار القلة:

_ احتكار القلة المتواطئ، ويحدث عندما تختار الشركات القليلة المهيمنة على سوق مجال معين أن تتفق معاً على مستوى التسعير وحجم الإنتاج.

_ احتكار القلة غير المتواطئ، ويحدث عندما تختار هذه الشركات أن تتنافس فيما بينها بدلاً من الاتفاق، ما قد يؤدي إلى حصول حروب الأسعار عندما تحاول شركة إخراج منافسيها من العمل، أو منع منافسين جدد من دخول السوق.

لماذا يعد احتكار القلة خياراً تفضله الشركات الكبرى؟

تستفيد الشركات الكبرى من احتكار القلة في هذه النواحي:

_ تكتسب الشركات الكبيرة بتحالفها مع بعضها البعض قوة سوقية جماعية يصعب منافستها.

_ تخلق حواجز تجعل من الصعب على أي شركة أخرى دخول السوق.

_ يمكن للشركات المحتكرة التأثير على الأسعار بطريقة تضمن ربحها فحسب، بغض النظر أحياناً عن مصلحة المستهلكين والرفاهية العامة.

مزايا احتكار القلة

يمكن للمنتجين والمستهلكين الاستفادة من سوق احتكار القلة من هذه الجوانب:

_ تحقيق أرباح طائلة للشركات بسبب قلة المنافسة.

_ تسمح زيادة الأرباح للشركات باستثمار المزيد من الأموال في البحث والتطوير، ما يفيد المستهلكين من خلال تطوير منتجات مبتكرة.

_ يعتبر تمايز المنتجات ميزة مهمة لأسواق احتكار القلة، حيث تتطلع الشركات إلى تحسين منتجاتها لإرضاء المستهلك.

مساوئ احتكار القلة

فيما يلي أبرز عيوب احتكار القلة:

_ الأسعار المرتفعة التي تضر بمحدودي الدخل.

_ قد يجد المستهلكون الخيارات محدودة، بسبب تركز الإنتاج في عدد قليل من الشركات.

_ يحرم احتكار القلة العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة من توسيع عملها، ما يضر بجو المنافسة، ويخلق مشاكل اجتماعية لعمال الشركات غير المحتكرة.

_ قد تتواطأ شركات احتكار القلة لتثبيت الأسعار وتقييد الإنتاج، ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمستهلكين وانخفاض الرفاهية الاجتماعية.

أمثلة على احتكار القلة

يحدث احتكار القلة في كل بلد تقريبًا. في بريطانيا مثلاً، يهيمن أربعة لاعبين رئيسيين على مجال السوبر ماركت، بحيث يتحكمون في أكثر من 70٪ من حصة السوق، ما يجعل المنافسة شاقة على تجار التجزئة الصغار.

ومن أمثلة احتكار القلة في الولايات المتحدة الأميركية، سيطرة أربع شركات على صناعة الاتصالات اللاسلكية، وتمتلك 98٪ من حصة السوق.

في فرنسا أيضاً، يتمثل احتكار القلة في هيمنة عدد قليل من البنوك الكبيرة على الصناعة المصرفية، حيث تسيطر هذه البنوك على أكثر من 50٪ من حصة السوق، ولها تأثير قوي على الاقتصاد الفرنسي.

أخبار قد تهمك:

مزايا الشركة القابضة وعيوبها وكيف تضمن ربحية الشركات التابعة؟

مزايا الاقتصاد الرأسمالي وعيوبه.. ولماذا اقترن بالتقدم الصناعي في الغرب؟