بالفيديو.. هل تطوي التكنولوجيا صفحة الورق؟

ميدار.نت - دبي
تقارير
فيديو
28 مايو 2023
Cover

ميدار.نت - دبي

يواصل عصر الرقمنة والتكنولوجيا تسارعه بشكل تصعب معه مجاراة الواقع.. أو حتى التنبؤ بشكل المستقبل، فجديد اليوم ليس قديم الغد وحسب، بل هو أثر منسيّ لا نشعر حتى بغيابه بعد ابتكار البديل الأحدث والأقوى بسرعة. 

لكن ماذا عما تعامل معه البشر لعشرات القرون؟ هل تطوي التكنولوجيا صفحة الورق إلى غير رجعة؟

المؤشرات المنطقية تقول: نعم، مقابل قلة لا يتخيلون إمكانية الغياب المادي للكتب، ولا يستطيعون الكتابة بدون أن يتنشقوا رائحة الحبر، ولا القراءة دون أن تلامس أطراف أصابعهم الصفحات.

فهل تكون نهاية الورق بغياب جيل اعتاده؟ المنطق مجدداً يقول: نعم، فكيف بدأت علاقة الإنسان بالأوراق؟

بدأت رحلة الكتابة بالجدران والواح الطين والخشب والبردي وغيرها، وبدأ الإنسان القديم يكتب على سعف النخيل، وعلى اللحاء، ثم العظام.

ونجح الفراعنة بتحويل لحاء نبات البردي (Papyrus) إلى ورق للكتابة، ومنها اشتُقّت كلمة (Paper).

أما الصينيون القدماء فاستخدموا الحرير الطبيعي لصناعة الورق، وواصلوا تطوير أوراق ملساء من خامات نباتية مثل البوص والبامبو ونفايات القطن وشباك الصيد القديمة وحتى الخرق البالية.

أما العرب فعرفوا هذه الصناعة حين أسروا "ورّاقين" صينيين يوم فتح سمرقند سنة 705، فأنشأ البرامكة أول ورشة لصناعة الورق بعصر هارون الرشيد.

وأخذها الطليان من العرب في القرن الـ14، ثم انتشرت في أوروبا بالقرن الـ15،  وفي سنة 1580 انتشرت صناعة الورق في المكسيك، و في القرن الـ16 انتقلت إلى أمريكا.

وبقي استخدام الأوراق نخبوياً لعصور طويلة، وشبه مقتصر على رسائل الملوك والنخبة، ثم جاء عصر الطباعة ليمنح للورق الانطلاقة الشعبية الحقيقية، بالتزامن مع زيادة أعداد المتعلمين ممن يجيدون القراءة، فصار بالإمكان تداول الكتب فيما يمثل ثورة معرفية حقيقية تضاهي ثورة ظهور "غوغل" أواخر التسعينات، أو روبوتات الذكاء الاصطناعي كـ"ChatGpt" حالياً.

كما مهد الأمر لاختراع "الصحف" وظهور "الإعلام" الحقيقي فضلاً عن تسهيل عملية التعليم عبر توفير الدفاتر بعدما كانت تعتمد على التلقين والحفظ، فصار الورق تدريجياً رفيق الإنسان اعتاد على حضوره بجانبه طوال حياته،  حتى على شكل دفاتر ملاحظات صغيرة ترافقه في جيبه، أو يدون عليها  أرقام هواتف ومعلومات ضرورية يحتاجها في أي لحظة.

ومنذ سبعينيات القرن الماضي، كانت هناك توقعات بأن  العالم سوف يكون بلا ورق،ولكن بعد نصف قرن تقريباً من توقعات فردريك لانكستر لم يحدث التحول كلياً ولم يختفِ الورق نهائياً، ولكنه الآن أقرب من أي وقت مضى للاختفاء، وعبر بديل إلكتروني أكثر إغراء يسحرك بإمكاناته ويبدد حاجتك إلى صديق الأمس الذي قد لا تشعر حتى بغيابه.