هكذا قضى العالم على مرض الجدري... وما زال الهاجس مستمراً

ميدار.نت - دبي
الصحة
الطب
03 يناير 2023
Cover

ميدار.نت - دبي

طيلة الأعوام الـ45 الأخيرة، تحول مرض الجدري بالنسبة للعالم إلى شيء من الماضي، تاركاً مخزوناً من الفيروسات المسببة له في عدد من المختبرات الطبية، تحت إشراف منظمة الصحة العالمية، بهدف إجراء مزيد من الدراسات على هذا المرض الذي روّع الناس مئات السنين.

ورغم إيقاف التطعيم ضد مرض الجدري منذ عام 1980 بسبب انعدام الإصابات به، تستمر الهواجس من انتشاره مجدداً، أو استخدامه كسلاح فتاك في حرب بيولوجية مقبلة، لا سيما بعد ظهور نسخة عنه متمثلة فيما سمي بجدري القردة، وإن كانت أقل فتكاً.

يستعرض هذا المقال أسباب المرض وأعراضه وإجراءات الوقاية منه، وكيف واجهه العلم بأول لقاح ضد مرض سارٍ في التاريخ.

ما هو مرض الجدري؟

يعد مرض الجدري داءً موسمياً يصيب الإنسان والحيوان خلال فصل الشتاء خصوصاً، وبداية فصل الربيع، ويسببه فيروس فاريولا، وهو معدٍ ينتقل عبر سوائل الجسم كاللعاب والدم من الشخص المصاب إلى السليم.

ورصدت الأبحاث التي أجريت على عدد من المومياوات المصرية أدلة على الإصابة بمرض الجدري منذ القرن الثالث قبل الميلاد، فيما سجل المؤرخون أن الداء بلغ أكبر موجاته في القرن الثامن عشر عندما تفشى في أوروبا، متسبباً بموت نحو نصف مليون شخص سنوياً، وتشوُه شكل من لم يقتله المرض، مع إقدام العديد من الناجين على الانتحار بسبب عدم تحمّل الندوب التي خلفها الجدري في أجسامهم.

ورغم التوصل إلى لقاح فعال في عام 1796، وتسجيل آخر إصابة بالمرض عام 1979 في أفريقيا، ما زالت الأبحاث جارية للتوصل إلى أدوية أفضل خشية ظهور سلالة جديدة من فيروسات الجدري التي يعادل حجمها عشرة أضعاف حجم الفيروسات الأخرى، فضلاً عن تكوينها الأكثر تعقيداً.

وتوصلت دراسة سويسرية نشرت قبل بضع سنوات إلى اكتشاف فيروس شبيه بفيروس الجدري قادر على تمويه نفسه في شكل خلية محطمة ليتسلل إلى الخلايا السليمة، موجهاً إشارة كيميائية تؤدي إلى امتصاص الخلية للفيروس.

أسباب مرض الجدري وأعراضه

لم يستطع العلماء تقصي سبب أول الإصابات بفيروس الجدري، لكنهم أثبتوا انتشاره عبر استنشاق قطرات من اللعاب الصادرة عن فم المريض الى الهواء، أو من خلال لمس المريض وأغراضه، حيث تتسرب الفيروسات عن طريق الجيوب المخاطية في العيون والأنف والفم.

وتظهر أعراض مرض الجدري بعد الإصابة بالفيروس بأسبوع إلى أسبوعين، متمثلة في:

_ طفح جلدي ودمامل تأخذ شكل فقاعات حمراء مليئة بالقيح، تتحول إلى لون غامق، ما يفسر اسم (الجدري الأسود). وعادة ما تظهر في الوجه والذراعين لتمتد إلى باقي الجسم، وقد تصيب الدماغ والعظام والرئتين.

_ أوجاع شبيهة بآلام الإنفلونزا، كالتعب وارتفاع في درجة الحرارة والتهاب الحلق والصداع والهذيان وصعوبة التنفس.

_ جفاف الدمامل لتبدأ بالتقشّر بعد عشرة أيام من ظهورها.

_ في حال إصابة العينين، تتقرح القرنية بما يؤدي إلى العمى.

_ قد يتطور المرض عند المصاب إلى نزيف في الجلد والأغشية المخاطية ومسار الجهاز الهضمي، وصولاً إلى الوفاة.

اللقاح والوقاية من مرض الجدري

كانت العلاجات المتبعة قبل اللقاح تركز على إخضاع الجسم لدرجات حرارة متباينة، وإعطاء المريض بعض الخمور اعتقاداً أنها تخفف إحساسه بالألم.

ويعد مرض الجدري الداء الوحيد الذي قضت عليه البشرية من خلال اللقاحات، إذ ابتكر الطبيب الإنكليزي إدوارد جينر لقاحاً ناجحاً له في عام 1796، بعد ملاحظة أن الخادمات اللواتي أصبن بعدوى جدري البقر اكتسبن مناعة ضد المرض، فأجرى تجربة على طفل يبلغ الثامنة من عمره باستخدام حليب بقر مريض بالجدري، فلم تظهر عليه أعراض قاتلة، وكان ذلك مفتاح التوصل إلى اللقاح المنشود.

وخلال عشرات الأعوام استطاع جينر الترويج للقاح بين البلدان، وتم استخدام أطفال أيتام ليحملوا اللقاح إلى القارة الأميركية، من خلال إعطاء اللقاح للطفل كي يصاب بأعراض خفيفة، ثم استخلاص القيح من ندوبه وإعطائه لآخرين لتنتشر المناعة الجماعية. وبدأ التطعيم عالمياً بشكل منظم سنة 1967، وتوقف رسمياً عام 1980.

وينصح الأطباء اليوم بالاحتياط في حال عاد المرض للانتشار، وشرب السوائل الصحية للوصول إلى درجة حرارة متوازنة، مع البقاء بعيداً عن الآخرين.

 

أخبار قد تهمك:

-  سبع طرق طبيعية للوقاية من سرطان الجلد

-  فطور الأظافر... الأسباب والعلاج

&nb