كيف برزت ماليزيا كمنافس في الساحة العالمية لأشباه الموصلات؟

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
مقالات
14 مارس 2024
Cover

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

 بينما تهيمن التوترات بين بكين وواشنطن للسيطرة على تكنولوجيا الرقائق ، ظهرت ماليزيا كمستفيد غير متوقع. 

إستفادت ماليزيا، هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا وبهدوء من الطلب المتزايد على بدائل إنتاج أشباه الموصلات، حيث تسعى الشركات في جميع أنحاء العالم لتجنب الوقوع في المياه الموحلة للعقوبات الأمريكية على التكنولوجيا الصينية.

تتسلط الأضواء الان على صعود ماليزيا كمركز ناشئ للاستثمار في تصنيع الشرائح. وراء هذا الصعود ، بحثُ المجتمع التجاري العالمي عن بديل مُعتمد غير الصين، وتجنب المشاكل والشكوك الجيوسياسية. 

 

قيود الولايات المتحدة ضد الصين تتوسع شيئاً فشيئاً في حرب الهيمنة التكنولوجية، خاصة في قطاع أشباه الموصلات، لكنها انصبّت بشكل غير مباشر في مصلحة ماليزيا كلاعب حيوي في الصناعة.

 

لماذا ماليزيا؟ الجواب هو إرثها الذي يزيد عن 50 عامًا في عمليات السلاسل التوريدية الخلفية لأشباه الموصلات - التغليف والتجميع واختبار الشرائح. هذا الإرث التاريخي أتَىَ أُكْلَهُ الان ، جاذباً استثمارات مباشرة أجنبية هائلة. بينانغ ، الولاية الماليزية الشمالية وحدها شهدت استثمارات بقيمة 60 مليار رينجيت في عام 2023، وهو يجاوز إجمالي ما تلقته من 2013 إلى 2020. هذا الازدهار الاستثماري ليس مقصورًا على الشركات الأمريكية؛ فهناك ايضًا حوالي 55 شركة صينية من البر الرئيسي أنشأت عمليات تصنيعية في بينانغ، تركز بشكل رئيسي على إنتاج أشباه الموصلات.

ولكن لايعني ذلك ان وضع ماليزيا الناشئ في السوق العالمي للشرائح قائم بدون تحديات. تواجه ماليزيا ثلاث صعوبات أولها ان هناك نقصًا حاداً و حرجا ً في المواهب، خاصة في مجالات مهندسي الكهرباء، حيث تنتج البلاد فقط 10% من إجمالي عدد الخريجين المطلوبين سنويًا. علاوة على ذلك، فشل ماليزيا في خلق عملاق منتج لأشباه الموصلات محلياً، مثل TSMC في تايوان أو سامسونج في كوريا الجنوبية، من الممكن ان يعيق قدرتها على جذب شركات دولية إضافية.

التحدى الثاني وهو ما يعقد الأمور اكثر هو لعبة الشطرنج الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، ووقوع ماليزيا في منتصف تبادل إطلاق النيران.

 يثير تدفق الشركات الصينية إلى ماليزيا مخاوف من أن العقوبات الأمريكية الإضافية قد تمتد إلى التقنيات والمنتجات المصنوعة في ماليزيا، خاصة تحت عين واشنطن المُبغضة لتوجهات رئيس وزراء ماليزيا انور ابراهيم السياسية تجاه بكين.

على الرغم من هذه العقبات، لا يزال هناك تفاؤل حذر بشأن قطاع أشباه الموصلات في ماليزيا. يشير الانخراط الكبير للشركات التقنية الأمريكية مثل إنتل وميكرون إلى أن القيود الأمريكية على التكنولوجيا المصنعة في ماليزيا قد تكون مضادة للإنتاجية. التحدي الثالث الذي قد تواجهه ماليزيا هو تهديد المنافسة الإقليمية، حيث تعمل فيتنام والهند بنشاط لتطوير صناعات أشباه الموصلات الخاصة بهما، مدفوعتان بحوافز دولية جذابة وقوى عاملة هندسية أكبر.

بينما تسعى ماليزيا لتعزيز موقعها في المشهد التقني العالمي، تعتمد استراتيجيتها على التنقل بحذر عبر التوترات الجيوسياسية وكذلك على اغتنام تلك الفرص التي تقدمها. 

يعكس تركيز البلاد على توسيع صناعتها، بما في ذلك الترحيب بالشركات الصينية، طموحًا أوسع لتصبح لاعبًا رئيسيًا في سوق أشباه الموصلات، على الرغم من كل التحديات. 

&nb