ينجذب عدد كبير من الأشخاص حول العالم لشم الروائح النفاذة، وتجدهم يستمتعون باستنشاقها لدرجة الإدمان، كروائح البنزين والدهان ومزيل طلاء الأظافر وغيرها، وقد يدمن بعضهم الروائح الصادرة من الجسم نفسه، كالعرق أو الغازات، أو روائح أخرى محببة، كرائحة المطر والكتب.
فما هو السر وراء حب الروائح النفاذة، وهل لها أضرار على الصحة؟
ثمة أسباب علمية تفسر حب شم الروائح النفاذة، إذ تحتوي أنواع الدهانات، والبترول، وأقلام التحديد السائلة، والأسيتون وحتى بعض المعقمات، على مادة الهيدروكربونات، والتي تتكون من الهيدروجين والأوكسجين والكربون، وهي التي تعطي هذه المواد رائحتها المميزة، محفزة إفراز الدوبامين أو ما يدعى بهرمون السعادة في الدماغ، فيشعر الفرد بالنشوة، وهو التأثير ذاته الذي يعطيه السكر لجسم الإنسان، ما يعني الإدمان.
كما يمكن أن تكون الرغبة في شم الروائح النفاذة، ارتباطها بذكريات سعيدة منذ الطفولة، فالروائح تحرض الذاكرة، وتعيد الذكريات المحببة.
قد يصل البعض إلى إدمان شم الروائح النفاذة، عند وجود استعداد نفسي لذلك، فلها تأثير المخدرات ذاته، وهي متوفرة ورخيصة ويسهل الحصول عليها، ما يفسر انتشارها في أحياء فقيرة في مختلف الدول، وبين أطفال الشوارع، إضافة إلى المضطرين لشم هذه الروائح بحكم عملهم، فهي تؤثر على الحالة المزاجية، وتجعل المتعاطي يشعر بحالة مؤقتة من النشوة، والتي ينفصل بها عن الواقع، لكنه هذا الشعور يقل بعد فترة، لذا يلجأ لزيادة الجرعة، ما يدخله مرحلة الإدمان.
يعتبر إدمان الروائح النفاذة مؤذيا بشكل مباشر للرئتين، كما يقلل من وصول الأوكسجين إلى المخ، وهذه بعض الأضرار الصحية التي تطرأ على الجسم عند الوصول لمرحلة الإدمان:
_ صعوبة في التنفس.
_ آلام في الحلق.
_ التهاب المريء.
_ ألم البطن.
_ قيء قد يصاحبه دم.
_ دوخة وصداع.
_ إغماء.
_ فقدان الرؤية.
يمكن مساعدة الشخص المدمن على شم الروائح النفاذة الخطرة بالذهاب إلى الطبيب، أو مراكز التأهيل وعلاج الإدمان، فالتخلص منها أبسط من ترك المخدرات، لكن تطرأ على الفرد أعراض الانسحاب المتمثلة في:
_ عدم التركيز.
_ اكتئاب وتقلب المزاج.
_ تهيج مفرط.
_ اضطرابات في النوم.
_ قلق وتوتر.
_ فقدان الشهية.
يحب البعض الروائح النفاذة المنبعثة من أجسادهم، كرائحة الغازات أو العرق، وقد يشمئزون من ذات الروائح الصادرة عن غيرهم، ويرجح العلماء ذلك إلى اعتياد الفرد على الرائحة المنبعثة منه، ويرتبط الأمر نوعا ما بالثقافة المجتمعية المحيطة، فكلما تدرجت للأدنى أصبح الأمر أكثر تقبلا.
تبعث الروائح النفاذة المحببة الذكريات اللطيفة لدى كثيرين، كرائحة المطر أو الكتب، فما يميز رائحة المطر نوع من البكتيريا الخيطية التي تنتشر في التربة الرطبة، وتصل إلينا عبر الهواء، مثيرة هرمون الدوبامين في المخ، فنشعر بالراحة أو السعادة. كما يرجع حب البعض لرائحة الكتب، إلى التفاعل الكيميائي للمركبات التي يصنع منها الورق، كالسليلوز والكحوليات العطرية، أو نتيجة التحلل الحمضي للورق في الكتب القديمة، والتي لها تأثير رائحة المطر ذاته.
أخبار قد تهمك: