إستراتيجية تويوتا للسيارات الهجينة

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
مقالات
02 مارس 2024
Cover

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

تويوتا بلا شك أصبحت رائدة في تطوير السيارات الهجينة وهذا واضح الان من خلال زيادة الطلب على شراء السيارات الهجينة وتقلص الطلب على السيارات الكهربائية بالكامل. 

ولكن  النهج الحذر الذي تتبعه الشركة تجاه السيارات الكهربائية بالكامل أثار جدلاً وتساؤلات وحتى انتقادات حول التزامها بالاستدامة. دعونا نتعمق في استراتيجية تويوتا الهجينة، أسبابها وتأثيرها العالمي، والتحديات التي تواجهها.

تحدت استراتيجية تويوتا للسيارات الهجينة النقاد وبرزت كقصة نجاح هائلة. في عام 2022، باعت الشركة ما يقرب من 2.5 مليون مركبة هجينة حول العالم، تشمل العلامتين التجاريتين تويوتا ليكزس . العام الماضي فقط ارتفع هذا العدد إلى 3.5 مليون. 

تتوقع تويوتا انها في عام 2025 ستبيع  اكثر من 5 ملايين مركبة هجينة. 

ولكن لماذا ابقت شركة تويوتا استراتيجيتها في الاستثمار في السيارات الهجينة بينما كان العالم يطالب بالسيارات الكهربائية بالكامل؟ 

في الواقع ان استراتيجية المحرك الهجين متعددة الأوجه فمثلاً ، تجمع السيارات الهجينة بين محرك احتراق داخلي ومحرك كهربائي. يتيح النظام المزدوج للسائقين التبديل بسلاسة بين الوقود والطاقة الكهربائية. النتيجة؟ تحسين كفاءة استهلاك الوقود، وتقليل الانبعاثات، وتجربة قيادة موثوقة.

اكتسبت السيارات الهجينة شعبية بين المستهلكين بسبب تنوعها. توفر هذه المركبات، التي تستخدم بطارية ومحركًا، حلاً لواحدة من أهم المخاوف المتعلقة بالمركبات الكهربائية: الخوف من تقطع السبل بسبب عدم كفاية البنية التحتية للشحن. تقدم السيارات الهجينة سيناريو "أفضل ما في العالمين"، مما يسمح للسائقين بتقليل استهلاك الوقود دون القلق المرتبط بالنطاق المحدود من السيارات الكهربائية الحالية. علاوة على ذلك، تعمل السيارات الهجينة كتكنولوجيا جسر طبيعي، حيث تقدم بديلاً أكثر مراعاة للبيئة للسيارات التقليدية دون تحمل تكاليف السيارات الكهربائية الباهظة.

دفع نجاح تويوتا مع السيارات الهجينة شركات صناعة السيارات الأخرى إلى تقليدها . تحقق هوندا مثلاً نجاحات مع طرازاتها الهجينة، وتتوقع فورد مضاعفة مبيعاتها الهجينة، وحتى جنرال موتورز، التي تخلصت في السابق من السيارات الهجينة القابلة للشحن، ستعيد تقديمها للاستفادة من شعبيتها المتزايدة.

بينما تتسابق شركات صناعة السيارات الأخرى نحو السيارات الكهربائية، ظلت تويوتا صامدة. ويبدو ان تباطؤ نمو مبيعات السيارات الكهربائية عالمياً قد اكد صحة النهج الحذر الذي اتبعته شركة تويوتا، حيث تضاعف سعر سهمها تقريبًا في العام الماضي. 

على الرغم من الانتصار الذي حققته تويوتا من خلال هذه الاستراتيجية، فقد واجهت انتقادات بسبب ترددها في تبني السيارات الكهربائية بالكامل. وشكك مدافعي البيئة في التزام الشركة بالاستدامة.

 تويوتا تخدم أسواقاً كثيرة في اسيا و افريقيا وأمريكا الجنوبية في دول تفتقر كثيراً منها إلى البنية التحتية و تعاني من انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي وهذا يجعل فكرة التحول الشامل إلى كهربة السيارات غير مجدية.

مع هذا ، تهدف تويوتا إلى إنتاج 3.5 مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2030، وهو ما يمثل أكثر من ثلث مبيعاتها الحالية. ولكن هذا لايرضي المنتقدين الذين لن يقبلوا بأقل من الحصرية هدفاً. 

صنفت منظمة السلام الأخضر شركة تويوتا في مرتبة متدنية في جهود إزالة الكربون، مشيرة إلى التقدم البطيء في مبيعات السيارات الخالية من الانبعاثات. 

بينما تزدهر السيارات الهجينة، يظل مشهد السيارات الكهربائية ضاغطاً وتهديداً وجودياً لـ تويوتا المُصنّع الأكبر للسيارات عالمياً فيما لو هيمنت السيارات الكهربائية.

يقوم الرئيس التنفيذي الجديد لشركة تويوتا بتعديل قواعد اللعبة الخاصة بالمركبات الكهربائية مع الالتزام بالنهج الهجين. وتهدف الشركة إلى تعزيز كفاءة البطارية في السيارات الهجينة وتواصل سعيها وراء المركبات التي تعمل بخلايا الوقود. مع تطور الصناعة، فإن توازن تويوتا بين السيارات الهجينة والمركبات الكهربائية سيشكل مستقبلها.

يبدو مستقبل صناعة السيارات معقدًا، هناك احتمالين كلهما صعب : الاول أن تصبح السيارات الكهربائية أكثر انتشارًا ولكن بتحديات هائلة . او  استراتيجية تويوتا الهجينة والتي تعترف بأن إزالة الكربون تماماً ليس سهلاً وسيتطلب أساليب دقيقة وقابلة للتكيف لتلبية الاحتياجات العالمية المختلفة. 

ومع الصراع داخل الصناعة، هل سيكون المسار الهجين لتويوتا بمثابة عنصر حيوي وجسر متوسط للانتقال نحو ذلك المستقبل الأكثر خضرة، ام هل سينتهي بها في الجانب الخطأ من التاريخ ؟