ميدار.نت - دبي

"لا يؤثر ما يأكله الإنسان على صحته فحسب، بل يمكن أن يتردد تأثيره عبر الأجيال، مما يؤثر على المصير الجيني لأطفاله وأحفاده الذين لم يولدوا بعد"، هذه المعلومات الصادمة أكدتها دراسة في علم الوراثة اللاجينية.

وأكدت الدراسة أنّ خيارات نمط الحياة مثل النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والتعرض للملوثات، لها تأثير كبير على الإبيجينوم، وهي مجموعة التعديلات الكيميائية التي تنظم نشاط الجينات.

وكان يُنظر إلى الجينات على أنها كيانات غير قابلة للتغيير، ومنيعة ضد التأثيرات الخارجية، لكن ظهور علم الوراثة اللاجينية كشف أن التعديلات اللاجينية، وهي التغييرات في التعبير الجيني دون تغييرات في تسلسل الحمض النووي الأساس، والتي يمكن أن تحدث بسبب العوامل البيئية.

شتاء الجوع

وقدَّم شتاء الجوع الهولندي، وهو حدث مأساوي خلال الحرب العالمية الثانية، خلفية مؤثرة للدراسات الأساسية، إذ أظهرت النساء الحوامل اللاتي عانين من المجاعة في وقتها تغيرات جينية جعلت ذريتهن عرضة للسمنة وأمراض القلب والسكري، وهي شهادة على الإرث الدائم للحرمان الغذائي.

وأوضحت الدراسات التي أجريت على الحيوانات تأثير التدخلات الغذائية عبر الأجيال، حيث أظهرت الفئران والأغنام التي خضعت لأنظمة غذائية محددة تغيرات وراثية في التعبير الجيني تمتد لأجيال متعددة.

والجدير بالذكر أن النظام الغذائي الأبوي ظهر كمحدد محوري لصحة النسل، متحديًا الحكمة التقليدية التي ركزت فقط على تأثيرات الأم.

ومع تعمق فهم العلماء لطبيعة علم الوراثة اللاجينية، من المشجع أن التوصيات القائمة على الأدلة تدعو إلى التحول نحو الأطعمة الكاملة غير المصنعة، مع تجنب مخاطر النظام الغذائي الغربي المليء بالدهون المشبعة والصوديوم والسكريات المضافة.

كما أنّ تبني أسلوب حياة أكثر صحة لا يعزز رفاهية الفرد فحسب، بل يحمي أيضًا التراث الجيني الذي ينتقل إلى الأجيال المقبلة.

وبرأي الدراسة أنه لتحقيق حماية الأجيال، يجب ضمان الأمن الغذائي كركيزة أساسية في مكافحة النتائج الصحية السلبية، كما يتعين على الحكومات، جنباً إلى جنب مع منتجي وموزعي الأغذية، وإعطاء الأولوية للوصول العادل إلى الأطعمة المغذية، وهو حق أساس له آثار جينية عميقة.

وختمت الدراسة، أن القدرة على تشكيل المصير الجيني للجيل القادم يقع على عاتق الجيل الحالي، وأنه من خلال الخيارات الغذائية المدروسة والعمل الجماعي، يمكن رسم مسار نحو مستقبل أكثر صحة وأكثر مرونة، مستقبل تتردد فيه أصداء الحكمة الغذائية عبر الأجيال، متجاوزة حدود الزمن وعلم الأحياء.

&nb