كيف تطبق سياسة التقشف وما تأثيرها على المتهربين ضريبياً

Cover

ميدار.نت - دبي

تُعرف سياسة التقشف بأنها التدابير التي تتخذها الحكومات لتخفيض الإنفاق، وقد تتضمن زيادة الضرائب، بهدف خفض عجز الميزانية، وتجنب أزمة الديون المترتبة على الدولة.

يتم اعتماد سياسة التقشف من قبل البلدان ذات الديون التي تفوق الناتج المحلي الإجمالي، ويتم بدء هذه التدابير تحت الضغوط التي يمارسها المقرِضون، من أفراد أو شركات أو حكومات أخرى، لإجبار الدولة المقترضة على سداد الديون.

 

كيف يتم تطبيق سياسة التقشف؟

تتطلب سياسة التقشف تغييرات في البرامج الحكومية، تتجلى في بعض أو جميع الإجراءات التالية، تبعاً لوضع البلد وحجم مديونيته:

_ تحديد شروط الإعانات للعاطلين عن العمل.

_ تمديد سن الاستحقاق لمزايا التقاعد والرعاية الصحية.

_ تخفيض أجور ومزايا وساعات عمل موظفي الحكومة.

_ تقليص أو إيقاف البرامج المخصصة لمساعدة الفقراء.

_ زيادة الضرائب على الدخل، وخاصة على الأثرياء، وتشديد الرقابة على احتمالات التهرب الضريبي.

_ خصخصة الشركات المملوكة للحكومة، وتحديداً الشركات ذات الصناعات الحيوية، كالنقل والاتصالات، حيث يؤدي بيعها إلى زيادة الإيرادات لسداد الديون.

_ زيادة ضرائب القيمة المضافة.

_ خفض أو إلغاء الحد الأدنى للأجور.

_ زيادة ساعات العمل.

 

لماذا توافق الدول على سياسة التقشف؟

تستخدم البلدان سياسة التقشف لتجنب أزمة الديون السيادية، وذلك عندما يشعر الدائنون بالقلق من تخلف الدولة عن سداد ديونها، وخاصة عندما تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أكبر من 77٪، وفقاً للرقم الذي حدده البنك الدولي، إذ تشير هذه النسبة إلى نقطة التحول التي يبدأ عندها النمو الاقتصادي بالتباطؤ، ما يعني مزيداً من العجز عن سداد الدين، علماً أن نقطة التحول لبلدان الأسواق الناشئة هي 64٪.

فيما يلي السيناريو الذي يضطر الدول إلى اتباع سياسة التقشف:

_ عند تباطؤ اقتصاد الدولة المديونة، يبدأ الدائنون في المطالبة بأسعار أعلى للفائدة المترتبة على هذه الديون، تعويضاً لهم عن المخاطر المحتملة.

_ يعني ارتفاع أسعار الفائدة أن سداد الديون سيكلف الدولة مزيداً من الأموال التي تدرك أنها عاجزة عن دفعها في المدى المنظور.

 _ تلجأ الدولة المديونة إلى دول أخرى أو صندوق النقد الدولي للحصول على قروض جديدة.

_ في مقابل عملية الإنقاذ، يطلب الدائنون الجدد من الدولة المديونة اتباع سياسة التقشف لتوفير هامش نقدي يجعلها قادرة على سداد الديون مرحلياً.

 

سلبيات سياسة التقشف

ينصح خبراء الاقتصاد الحكومات باستخدام سياسة التقشف حصراً في حالة توسع الاقتصاد، لأن قاعدة المساهمين الضريبية تكون أكبر، ولأن تداعيات التقشف ستؤدي إلى انكماش اقتصادي في حدود آمنة نسبياً ولا تؤثر كثيراً على محدودي الدخل، فأصحاب الدخل المنخفض هم عادة الأكثر تضرراً من سلبيات التقشف التي تتجلى في:

_ تأثر شبكات الأمان الاجتماعي بخفض الإنفاق، ما يطال المستفيدين من هذه الشبكات.

_ تراجع النمو الاقتصادي، بسبب خفض الإنفاق الحكومي وتسريح عدد كبير من العمال.

_ تؤدي زيادة الضرائب إلى اضطرار الشركات للاستغناء عن مزيد من الموظفين، ما يرفع مستوى البطالة.

 

إيجابيات سياسة التقشف

تعيد سياسة التقشف الثقة في إدارة ميزانية الدولة المقترضة، كما تخلق الإصلاحات المقترحة مزيدًا من الكفاءة وتدعم القطاع الخاص بشكل أقوى. ومن الإيجابيات المفترضة أيضاً:

_ زيادة إيرادات الدولة بسبب استهداف المتهربين من الضرائب.

_ استقدام خبرات أجنبية بسبب خصخصة الصناعات المملوكة للدولة، ما يؤدي إلى مزيد من التنافسية التي تشجع على تحسين الإنتاج.

_ تقليل الصادرات من خلال جعلها أكثر تكلفة، بسبب فرض ضريبة القيمة المضافة، حيث يرى خبراء الاقتصاد أن هذا يحمي الصناعات المحلية ويسمح لها بالنمو والمساهمة في الاقتصاد.

 

اليونان مثالاً على سياسة التقشف

تعد أزمة ديون اليونان عام 2010 مثالاً بارزاً على سياسة التقشف، إذ فرض الاتحاد الأوروبي إجراءات تقشفية تستهدف الإصلاح الضريبي على وجه الخصوص، وطالب المقرضون اليونان بتكثيف جهودها لتحصيل الإيرادات من خلال القضاء على المتهربين ضريبياً، فقامت الحكومة اليونانية بتدقيق حسابات 1700 شخص من أصحاب الثروات العالية والعاملين لحسابهم الخاص، وخفضت أجور موظفي القطاع العام بنسبة 17٪، وكذلك استحقاقات التقاعد، وألغت دعم وقود التدفئة، وصولاً إلى موافقتها على خصخصة 35 مليار يورو من الأصول المملوكة للدولة.

وأدت سياسة التقشف بما تضمنته من تسريح عمال وزيادة الضرائب وتقليل الفوائد إلى كبح النمو الاقتصادي في اليونان، وبحلول عام 2012، كانت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلد 175٪، وهي واحدة من أعلى المعدلات في العالم.

ولفتت اليونان أنظار الاقتصاديين عام 2022 بوصول تجربتها في سياسة التقشف إلى محطة صحية نسبياً، تمثلت في قدر من الانتعاش الاقتصادي كخطوة للخروج من المديونية.

 

أخبار قد تهمك:

كيف يحدث الانكماش الاقتصادي وهل له إيجابيات

ما هو غسيل الأموال ولماذا يؤثر سلباً على اقتصاد الدول