التيسير الكمي ليس طباعة دولارات (بقلم: حسين القمزي)

مقال - ميدار.نت .. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
مقالات
فيديوهات
21 فبراير 2023
Cover

مقال - ميدار.نت .. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
 

يعتقد البعض ان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يقوم بطباعة الدولارات ليوفر السيولة في السوق. قد يستعمل الناس هذا التعبير مجازاً وقد يعتقدون فعلاً ان الفيدرالي الأمريكي لديه مطابع تطبع هذه التريليونات والا فمن اين سيأتي بالأموال؟

الجهة المنوطة بطباعة الدولار هي وزارة الخزينة من خلال مكتب السك والطباعة وليس بنك الاحتياط الفيدرالي. وهذه الإدارة تطبع فقط لاستبدال العملات الورقية التالفة من جراء الاستخدام. في الواقع ان العملات الورقية والمعدنية ليس لها دور مؤثر في الاقتصاد الحديث حيث ان مفهوم المال قد تغير كثيراً في عالم الاقتصاد في العقود الأخيرة. 

مع هذا يتمكن الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية الرئيسية من إدارة مسار الاقتصاد. ما قام به الاحتياطي الفيدرالي اثناء فترة الوباء او خلال الكساد العالمي في سنة 2009 هو ما يسمى التيسير الكمي لتحفيز الاقتصاد. 

دعونا نفهم كيف يتم؟ وكيف انه مختلف تماماً عن طباعة النقود. 

دعونا نلقي نظرة على تركيبة الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية. تعرض الحسابات كما نعرف بشكل حرف T حيث الأصول تكون على اليسار والالتزامات على اليمين. لنفترض ان هناك بنكاً تجارياً امريكياً اسمه " البنك الأمريكي التجاري المالي لنيويورك" أو باتمان اختصاراً" تتكون أصول هذا البنك من 100 دولار احتياطيات موجودة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي. 100 دولاراً أخرى بشكل قروض و80 دولارً من السندات. 

عندما يشرع الاحتياطي الفيدرالي بالتيسير الكمي يقوم بشراء جميع السندات التي يحتفظ بها بنك باتمان. كيف تصبح الميزانية العمومية الان؟ بنك باتمان استبدل بند السندات التي لديه بزيادة في بند الاحتياطات. لا توجد زيادة في حجم ميزانيته العمومية فقد استبدل أصل بأصل فقط. انتقلت الـ 80 دولار الى بند الاحتياطيات. أما ميزانية الاحتياطي الفيدرالي نمت واضافت 80 دولاراً من السندات في الأصول وفي جهة الالتزامات زادت الاحتياطات بنفس المقدار. لاحظ انه لا يوجد تغيير في الأموال النقدية في ايدي الجمهور أي ليس هناك اية أموال " طبعت" ليتداولها الناس ويستخدمونها للشراء. اما الحكومة الامريكية فلم تصدر سندات جديدة ولم تتغير التزاماتها لأي أطراف خارج الحكومة.

على مستوى القطاع الخاص لم يتغير شيء كما لو بعت بيتاً واشتريت بالمبلغ بيتاً اخر بنفس القيمة. لم تزد كمية النقد في المجتمع. الاحتياطيات المصرفية ليست نقود. فهي ليست مخزناً للقيمة للأفراد ولا هي متوفرة لتبادل السلع والخدمات.

بدأ استخدام التيسير الكمي لأول مرة في مارس 2009 استجابة للأزمة المالية العالمية. في ذلك الوقت كان سعر أسعار الفائدة منخفضة جداً ولم يكن من الممكن تخفيضها أكثر لذلك جاء التيسير الكمي كطريقة أخرى لتشجيع الإنفاق في الاقتصاد، وتحقيق هدف رفع التضخم.