"بين المفهوم والاستنارة" معرض للنحات ناثان دوس

ميدار.نت - القاهرة
موسيقى وثقافة
مصر
17 يناير 2024
Cover

ميدار.نت - القاهرة

اختار النحات المصري ناثان دوس لمعرضه عنوان "بين المفهوم والاستنارة"، الذي افتتحه في الثالث من الشهر الجاري، في غاليري الزمالك للفنون، وقدم منحوتات تعبر عن أفكاره وفلسفته التي لا يخفيها.

وعرّف دوس المفهومين اللذين يلخّصان معرضه بالقول: "المفهوم أو الفكرة هي اللبنة الأولى للعمل الفني، وأنا أسعد دائماً بانتصاري للإنسان. أما التنوير فهو تحرّر الإنسان من الوصاية التي جلبها لنفسه".

نحت ناثان رأس السِير مجدي يعقوب، طبيب القلوب، وفيما يشبه النافذة أسفل الرأس، كان هناك قلب يتدلى، وهذا يحيلنا إلى أسطورة مصرية عتيقة، تتحدث عن وضع قلب الميت في كفّة الميزان، وريشة ماعت (رمز العدالة) في الكفّة الأخرى.

 فإذا رجح القلب ذهب إلى النعيم، أما إذا ثقلت الريشة فهذا يعني أن صاحب القلب لم يفعل خيراً يُثاب عليه.

وجسّد دوس في اثنين من البورتريهات، رأس عميد الأدب العربي طه حسين، في مواجهة رأس فيلسوفة الإسكندرية الشهيرة "هيباتيا"، واختار لهما خامة الجرانيت الأسود الأسواني المعروف بصلابته، ليؤكد قدرة هذه النماذج على مواجهة التخلف في المجتمع، وبقاء مشروعهما الإنساني مهما مرّ الزمن.

 

الأم

ومن الأعمال اللافتة في المعرض، منحوتة "أمي"، حيث ثبّت رأس والدته السيدة "عنايات" بكل جمال التجاعيد وحكمة السنين، فهي الأم أول من شجّعته، لذلك قال عنها: "لو أن بي بذرة من فن، فالفضل كله في غرسها لهذه السيدة".

وتحدث أنه مرّ بوعكة صحية، فطلب منها أن تصنع له بيديها لعبة من ألعاب طفولته التي كانت تشكّلها بالطين، وظنّ أنها سوف تشكل له لعبة واحدة على شكل حصان، فإذا بها تنفّذ أكثر من خمسين قطعة، ظناً منها أنه كلما زادت القطع اقترب من الشفاء.

 

الناس البسطاء

وتحضر الحضارة المصرية القديمة في لحظات خاصة بالناس البسطاء أيضاً، مثل مشاهد الرعي والزرع والحصاد، كما في المنحوتة البديعة التي حملت عنوان "مقابلة بين الراعي والفلاح"، أو "صوف وحليب"، و"المغربل" و"الرحايا".

وعلى الرغم من استثماره في التراث المصري القديم، ونحت وجوه شخصيات بارزة، لا ينغلق المعرض على إطار محلي، وإنما ينفتح على معاني إنسانية إيجابية ومتنوّعة.

 ففي منحوتة "المعرفة" التي تمثّل جسداً ينحني كأنه على ضفة نهر، ويحمل في يده حفنة ماء تتساقط منها قطرات، يقيم العنوان مع الشكل علاقة مجازية، شرحها دوس بالقول: "مصادر المياه كمصادر المعرفة، منها الجاري والعذب والراكد، اسأل نفسك من أيهما تستقي".

 الربط هنا مباشر وقوي، فمثلما الماء أصل الحياة، ولا يقدر البشر على الاستغناء عنه، كذلك المعرفة قضية وجود لا تتقدّم الإنسانية إلا عن طريقها.

&nb