في ثلاثينيات القرن الماضي.. انطلق التاجر عبدالله كمال في رحلة من دبي إلى اليابان استمرت 10 أعوام خلال فترة الإمبراطورية اليابانية، أتقن خلالها اللغة واللهجات اليابانية المختلفة.
وحين وقعت الحرب العالمية الثانية، اضطر إلى مغادرة اليابان عام 1942، حيث أجلت طائرة حربية الدفعة الأولى من الأجانب على أن تعود لنقل دفعات أخرى، لكنها انفجرت في رحلتها الأولى التي لم يكن عبدالله كمال على قائمة المسافرين فيها.
لكن عائلته اعتقدت أنه لقي حتفه في انفجار الطائرة، فأقامت عزاء له، وبعد مرور شهر فوجئ الجميع بعودة عبدالله كمال، وخاف البعض منه واعتقدوه شبحاً.
وتبين أنه خرج من اليابان عبر قارب برحلة استمرّت شهرا، حيث وصل بحراً إلى سيبيريا ومنها اتجه إلى مدينة لنجة جنوب فارس، ثم استقلّ قارباً شراعياً نحو خور دبي.
خسر عبدالله كمال كل تجارته حين اضطر لمغادرة اليابان، فعمل بالبنك البريطاني للشرق الأوسط في دبي.
وفي عام 2009 صدر ألبوم صور بعنوان "دبي في عام 1962" للصحافي الياباني كواشيما، أفرد جزءاً خاصاً عن عبدالله كمال.
وتعود قصة كواشيما مع كمال إلى 1962 حين جاء الصحافي مع زميل له إلى دبي لمدة خمس أيام صوّرا خلالها أماكن مهمة.
وكانت اليابان بدأت في بداية عصر النفط الذي تزامن مع ثورة صناعة السيارات فيها بإرسال صحفيين ضليعين بعلوم المناخ والجغرافيا إلى منطقة الخليج، ليعدوا تقارير صحفية ودراسات تستفيد منها الحكومة اليابانية وتوزعها على الشركات للتمكن من صناعة منتجات تناسب مناخ الخليج، كالسيارات رباعية الدفع التي استطاعت منافسة نظيراتها في أسواق المنطقة.
وعند دخول اليابانيين إلى البنك البريطاني للشرق الأوسط بقصد تبديل العملة فوجئا بالموظف عبدالله كمال يرحب بهما بلغتهما، فطلبا منه بعد التعارف مرافقتهما خلال جولاتهما، وهو ما كان، حيث أطلعهما على أفضل الأماكن داخل الإمارة، وعلى مواقع مهمة يصعب عليهما دخولها بمفردهما.
كما أتاح لهما كمال اللقاء بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد حاكم دبي، الذي كان يحرص على الترحيب بالضيوف الأجانب والاستماع إليهم ومناقشتهم بحثاً عن إضافة أو أفكار يقدمونها قد تساهم في نهضة دبي.
ووصف كواشيما كمال بأنه رجل راقٍ وعالي المستوى ولقبه kamal- san أي تعني (السيد كمال) وهي كلمة تطلق على الأشخاص الرفيعي المستوى في اليابان.
وروى كواشيما أن عبدالله كمال وصل إلى اليابان في الثلاثينيات، حين أرسلته شركة خنجي وأولاده العريقة في تجارة الأقمشة هناك ليكون مسؤولاً عن العمليات التجارية التي تجرى بين فروع الشركة في دبي واليابان، وعمل مديرًا لفرع الشركة في منطقه كوبيه التي عاش فيها والتي تعد مدينه تجارية وكذلك أقدم ميناء في شرق أوساكا اليابانية.
وعاش كمال سعيدًا في كوبيه قرابة العشر سنوات إبان فترة الإمبراطورية اليابانية.
وفوجئ اليابانيان عندما استضافهما كمال في منزله بوجود الدمى اليابانية الاوساكية على طاولات منزله، والتي جلبها من مدينه كوبيه اليابانية، كما انبهرا بأسلوب الضيافة العربية.
وأنهى الرجلان جولتهما في دبي فانقطع تواصلهما مع كمال، لكن بعد مرور 46 عامًا، عادا إلى دبي عام 2008 خصيصًا لرؤية صديقهما القديم، لكن لم يستطيعا إيجاده.
واستضافهما الشيخ أحمد بن سعيد رئيس طيران الإمارات، ووعدهما بأن يتم طباعة ألبومهما في دبي وعادا إلى دبي للمرة الثالثة العام 2009 لعرض الألبوم.
والتقيا بإبراهيم الجناحي الذي كان مديراً تنفيذياً للشؤون التجارية في جافزا بالمنطقة الحرة في جبل على بدبي، والذي ساعدهم على اللقاء بحفيد كمال الذي أخبرهم بوفاة جده عام 1981، لتنتهي بذلك فصول قصة وفاء وصداقة جميلة، لم تكن لتنشأ لولا مثابرة تاجر من أبناء دبي على تعلم لغة اليابان وترحيبه وكرمه بضيفين التقاهما صدفة في مقر عمله.
#وثائقيات_ميدار
— Midar (@Midarnews) August 13, 2024
عام 1942..
قضى تاجر من دبي شهراً في البحر خلال رحلة طويلة للنجاة من الحرب العالمية الثانية ومصير هيروشيما..
وبعد عقود من الزمن جاء رجلان من اليابان إلى دبي للبحث عنه..
فما قصتهما؟ pic.twitter.com/vrv0egDDee