كان لدى حاكم دبي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رؤية لمستقبل الإمارة..
رأى أن الموانئ البحرية جزء أساسي من هذا المفهوم، بوصفها مفتاحاً للتنمية والتصنيع في دبي المستقبل، فاختار جبل علي كموقع لمينائه الجديد.
وكما كان في مرحلة سابقة يتابع بهدوء من نافذة مكتبه حركة السفن في الخور.. كذلك فعل في مشروع ميناء جبل علي.. لاهتمامه بالسفن والتجارة البحرية.. وهو صاحب مقولة : دع السفن تمر.
وضع الشيخ راشد شخصياً تصور اً للخطوط العريضة للمشروع الذي سيصبح لاحقاً أحد الموانئ الرئيسية في العالم، واستمر في زيارة "ميناء جبل علي" حتى بدأت صحته تتراجع.
كان برج التحكم في الميناء أول برج تواصل مع السفن القادمة، ويتيح إلقاء نظرة عامة على الميناء من هناك.
ويروي لين تشابمان أحد أول الموظفين في الميناء بمذكراته أنه استخدم المصعد يوماً للوصول إلى غرفة التحكم في البرج، حيث قابله مدير الميناء وأتاح له جولة في الغرفة التي تسمح للضباط البحريين برؤية البحر وكامل الميناء والمناطق المجاورة.
وفي نهاية الجولة، لفت نظره طابق آخر فوق غرفة التحكم.. ما أثار استغرابه.. فصعد مع مدير الميناء عبر مصعد آخر إلى هذا الطابق،. ودخلا من الباب المفتوح إلى غرفة أصغر بكثير حيث كان منظر ميناء جبل علي والمناطق المحيطة به مذهلاً.
ولم تكن تحتوي هذه الغرفة الصغيرة من الأثاث إلا على أريكة متواضعة يمكن لأي شخص يجلس عليها الرؤية من النوافذ.
وأوضح المدير أن الشيخ راشد كان يستخدم هذه الغرفة بانتظام ليتابع عبرها ميناء جبل علي والمنطقة الحرة المطورة حديثاً، وأن عددا قليلا من الناس كانوا يعرفون عن زيارات الشيخ راشد، أو حتى عن وجود هذه الغرفة أصلاً.
وروى أنه منذ رحيل الشيخ راشد عام 1990، ظلت الغرفة دون مساس وغير مستخدمة. وبقيت على حالها حين غادرها الشيخ راشد آخر مرة.
ويتابع لين: "شعرت بالفخر لكوني حيث جلس الرجل العظيم في نهاية حياته الرائعة، ونظرت إلى أحد إنجازاته العديدة".
مرت عدة سنوات قبل أن يعود لين إلى "البرج السري" للشيخ راشد.. في وقت كان الميناء ومنطقته الحرة يواصلان النمو وباتا معروفين دولياً.
في زيارته الجديدة، أراد اصطحاب صديق إلى هذا المكان، فتوجه إلى البرج، وانطلق بالمصعد إلى غرفة التحكم. وسأل عما إذا كان بإمكانهما رؤية غرفة الشيخ راشد..
فقيل له: "يمكنك محاولة طرق الباب ومعرفة ما إذا كان سيُسمح لك بالدخول".
صعدا و طرق الباب مرتين! عند الطرقة الثانية، فتح الباب قليلاً.. وسمح لهما بالدخول.
كانت الغرفة مختلفة تماما عن الزيارة السابقة.. باتت تضم ثلاثة أسرّة والعديد من الحقائب والصناديق... كما تحولت عتبات نوافذها إلى أرفف مريحة لحمل المناظير وغيرها من المعدات.. وطاقم عمل يحملون مناظير لمراقبة البحر .
وينهي لين روايته للقصة قائلاً: "نظرت حولي بحثا عن أريكة الشيخ راشد القديمة - لقد ذهبت".
هي قصة عاصرت حلماً بدأه ورعاه المغفور له الشيخ راشد.. وها هي دبي تقطف بالجد والعمل ثمار هذا الحلم بريادة عالمية في هذا القطاع الحيوي، حيث غدا ميناء جبل علي أكبر اليوم ميناء في الشرق الأوسط.. فيما تُشغُل مجموعة موانئ دبي العالمية نحو 70 ميناء في 6 قارات.
#وثائقيات_ميدار
— Midar (@Midarnews) January 26, 2024
الطابق الـ10..
سر الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم pic.twitter.com/BiLtKAnfUf