"بالمقارنة مع تجارب دول أخرى مثل الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، فإن البرامج التحفيزية المصممة لتعزيز الاستهلاك والطلب المحلي لعبت دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد في فترات الركود"
في خطوة جديدة لدعم اقتصادها، تتبنى الصين نهجًا مبتكرًا يتمثل في إصدار سندات خزانة طويلة الأجل لتمويل برنامج مبادلة السلع الاستهلاكية. يتيح هذا البرنامج للمواطنين استبدال الأجهزة القديمة والسيارات والدراجات وغيرها من السلع بتكلفة مدعومة، بهدف زيادة الإنفاق الاستهلاكي وتعزيز النمو الاقتصادي.
إن استخدام الصين لسندات الخزانة لتمويل برنامج تحفيزي يركز على الاستهلاك يعد تغييرًا جذريًا في سياساتها المالية. هذا النهج الجديد يعكس اعتراف الحكومة بضرورة تعزيز الطلب المحلي لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية.
ومع ذلك، فإن المبلغ المخصص لهذا البرنامج (150 مليار يوان أو 20.7 مليار دولار) يعتبر صغيرًا نسبياً مقارنة بحجم الاقتصاد العام ومبيعات التجزئة، مما يعني أن تأثيره على الاقتصاد العام قد يكون محدودًا.
قد يواجه البرنامج تحديات في إحداث تغيير طويل الأمد في نمط الاستهلاك. على الرغم من الحوافز المقدمة، فإن الأفراد قد يكونون مترددين في الإنفاق وسط عدم اليقين الاقتصادي.
تقليديًا، كانت الصين تستخدم السندات الخاصة لتمويل المشاريع الكبرى في البنية التحتية والأمن، وليس لتحفيز الإنفاق الاستهلاكي. يشير هذا التحول إلى إدراك الحكومة للمشكلة الكبيرة التي يمثلها ضعف الطلب الاستهلاكي، ومحاولة تجريب طرق جديدة لتحفيزه. يعتقد الاقتصاديون أنه إذا لم تؤد هذه الإجراءات إلى تعزيز النمو بشكل كبير، فقد تضطر الحكومة إلى تقديم سياسات إضافية تستهدف الطلب المنزلي في وقت لاحق من العام.
كان التركيز في السابق على تحفيز القطاع الصناعي بهدف استقرار الوظائف وزيادة الأجور، وبالتالي زيادة الإنفاق الاستهلاكي. ولكن، أدى ذلك إلى زيادة المنافسة بين الصناعات، مما أدى إلى بقاء الأجور منخفضة وزيادة عدم الاستقرار الوظيفي. كما أثر الركود في سوق العقارات سلبًا على ثقة المستهلكين وإنفاقهم.
بدأ البرنامج الجديد للتبادل في مارس، وحقق نجاحًا محدودًا بسبب الضائقة المالية التي تواجهها الحكومات المحلية المسؤولة عن تمويله. ورغم تقديمه خصومات على المشتريات الجديدة مثل الأجهزة والسيارات، فإن تأثيره على الإنفاق الاستهلاكي قد يكون محدودًا على المدى الطويل، حيث أن شراء سلع معمرة الآن قد يقلل من الحاجة إلى شرائها في المستقبل القريب.
بالمقارنة مع تجارب دول أخرى مثل الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، فإن البرامج التحفيزية المصممة لتعزيز الاستهلاك والطلب المحلي لعبت دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد، خاصة في فترات الركود. ومع ذلك، تختلف فعالية هذه البرامج باختلاف الظروف الاقتصادية والسياسات المحلية.
رغم الفوائد المحتملة للتحفيز الحكومي، إلا أن هناك عددًا من المشاكل والصعوبات التي يمكن أن تواجه هذه السياسات. زيادة الديون الحكومية، والتأثير المؤقت للبرامج، وعدم الاستهداف الفعال، والاعتماد المفرط على الدعم الحكومي، كلها عوامل يمكن أن تقيد فعالية هذه البرامج. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب البرامج التحفيزية الكبيرة التضخم وزيادة الأسعار، وقد تزاحم الاستثمارات الضرورية في البنية التحتية أو قطاعات أخرى.
فيتطلب التحفيز الحكومي المتوازن تحليلًا دقيقًا لضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية دون التسبب في آثار جانبية سلبية على المدى الطويل، بما في ذلك الآثار البيئية وزيادة الاستهلاك غير المستدام.
بينما تبدو الخطوة الصينية جريئة، إلا أن الفعالية الحقيقية للبرنامج تعتمد على مدى نجاحه في تغيير سلوكيات المستهلكين وتحفيز الإنفاق في فترة قصيرة. إذا نجح، فقد يصبح نموذجًا يُحتذى به في دول أخرى.