يسعى العلماء في المملكة المتحدة لاستغلال قدرات ملكة النحل الفائقة في إطالة العمر وزيادة الخصوبة، في مشروع بحثي غير تقليدي يتوجه نحو اكتشاف طرق لمحاربة الشيخوخة.
وتركز وكالة الأبحاث المتقدمة والاختراعات البريطانية على دراسة العوامل التي تسام في حياة ملكة النحل الأطول مقارنة بالعاملات، والقدرة على الحفاظ على خصوبتها رغم تقدم العمر.
وتموت العاملات بعد 15-38 يوماً في الصيف و150-200 يوم في الشتاء، على الرغم من أن هذه حقيقة معروفة، إلا أن دراسات قليلة حاولت توضيح الآليات التي تسمح لملكة نحل العسل بتحقيق عمرها الطويل دون التضحية بالخصوبة، لطالما ساد الاعتقاد بأن مزيج الغذاء الملكي ومضادات الأكسدة وميكروبات الأمعاء، قد تضافرت معاً لإطالة عمرها.
ولم يستكشف العلم بعد آليات هذه القدرة الخارقة، وتنتمي دراسة ملكة النحل إلى مشروع أكبر وأكثر طموحًا، يحظى بدعم كبير من حكومة المملكة المتحدة بقيمة 800 مليون جنيه إسترليني، ويُجري أبحاثاً عالية المخاطر قد لا تنجح، ومع ذلك، إذا نجحت، فقد تُغير العالم، حتى أن "يانيك وورم"، أحد مديري البرنامج الثمانية، وصفها بأنها "واحدة من تلك الأفكار الغريبة" التي يُمكن أن تُغير حياتنا، ويُدير وورم العديد من الدراسات على الحشرات للاستخدام البشري.
وتمتلك ملكة النحل المزيج السحري المُضاد للشيخوخة، وتُظهر الحشرات مثل النمل والنحل والدبابير والنمل الأبيض أعماراً مُختلفة بشكل كبير، كما أن الملكات المُتكاثرة تعيش أطول من نظيراتها غير المُتكاثرة.
وتُعتبر أنواع الحشرات الاجتماعية مواضيع واعدة لدراسة الشيخوخة، ويرجع ذلك جزئياً إلى تاريخ حياتها المُحدد طبقياً والاختلافات الكبيرة في أعمارها، مما يُتيح الفرصة لتحديد الجينات المُرشحة الطبيعية المُرتبطة بالشيخوخة.
وأثارت هذه السمات المُحددة فضول الباحثين في مجال مُكافحة الشيخوخة، فإذا استطاعوا عكس هندسة كيفية حل الطبيعة لهذه التحديات، فقد يُحدثون نقلة نوعية في مكافحة الشيخوخة، والخصوبة البشرية، ونقل الأعضاء، وتوفير وسيلة جديدة لمكافحة الأمراض، كما أوضح وورم.
وزرع العلماء في العام الماضي، ميكروبات معوية من ملكات النحل في نحلات العاملات، ونجحت العملية، وأطالت أعمارهن، واتضح أن هذا صحيح، فالملكة تمتلك مجموعة خاصة من المكونات التي تُطيل عمرها، وعلاوة على ذلك، يُمكنها إعادة إنتاج هذه الوظيفة لدى نحلات أخرى.
وطُرحت عدة آليات لهذه الظاهرة، ومن أبرزها، قبل عقدين من الزمن، كانت دفاعات الإجهاد التأكسدي، والكفاءة المناعية، وإشارات الغدد الصماء، وفقاً للدراسة.
وبيّنت دراسة أخرى، نُشرت عام 2024، فحصت خلالها ميكروبات الأمعاء، حتى أنها وصفت النحل بأنه "نماذج طبيعية لأبحاث الشيخوخة، حيث تتطور النحلات العاملات والملكة من نفس الأجنة، ويحدث اختلاف بناءً على كيفية تغذيتهما، مما يُنتج الآليات التي تُمكّن الملكات من عيش حياة أطول، وقد تُسهم إشارات الأنسولين في إطالة العمر، حيث أثبت تثبيط مسار IIS فعاليته في إطالة العمر، وقد حددت الدراسات الحالية المزيج السحري لمسارات IIS، والجهاز المناعي، ومضادات الأكسدة.
وطُرحت أفكار وأُجريت دراسات في الماضي، وتُظهر مبادرة وكالة الأبحاث المتقدمة والاختراعات، المدعومة من الحكومة، الإمكانات الحقيقية التي قد يُتيحها هذا المسار المُكافح للشيخوخة، قد يبدو الأمر غير تقليدي ومحفوفاً بالمخاطر، لكن هذه الفكرة المبتكرة لديها القدرة على تغيير حياتنا، وحكومة المملكة المتحدة تُساندها، وفق ما أفادت تقارير عدة.