اتفاق استراتيجي لتعزيز واردات الغاز الأمريكي إلى الهند لضبط الميزان التجاري

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

توترت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والهند خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية ، فقد وصف الهند بأنها “ملك الرسوم الجمركية” بسبب فائضها التجاري الكبير مع الولايات المتحدة، والذي بلغ نحو 35 مليار دولار. الهند عرضت قطاع الطاقة ليصبح ساحة للتعاون الاقتصادي يمكن من خلالها إعادة التوازن للعلاقات التجارية بين البلدين. قطاع الطاقة الهندي واحد من اهم أسواق دول الشرق الأوسط و روسيا. الولايات المتحدة تدخل في قلب المنافسة مع هؤلاء المنتجين.

جاء هذا التطور عقب زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى واشنطن، حيث اتفقت الهند على زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي الأمريكي، مما يعزز موقع الولايات المتحدة كمورد رئيسي للطاقة للهند. وقد جاء هذا الاتفاق ضمن سلسلة خطوات اتخذتها الهند لتهدئة التوترات التجارية مع واشنطن، منها تخفيض الرسوم الجمركية على دراجات “هارلي ديفيدسون”، التي كانت محل انتقادات من الجانب الأمريكي.

طلب متزايد على الغاز واستراتيجية طويلة الأمد

رغم عدم الكشف عن تفاصيل دقيقة حول حجم واردات الغاز المتفق عليها، فإن الولايات المتحدة تعد بالفعل أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميًا وتوفر للهند حوالي خمس احتياجاتها من الغاز. وتشير التوقعات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة إلى أن استهلاك الغاز الطبيعي في الهند سيرتفع بنحو 60% بحلول عام 2030، مع تضاعف وارداتها من الغاز المسال خلال نفس الفترة، مدفوعًا بارتفاع الطلب وتباطؤ نمو الإنتاج المحلي.

التوازن بين الموردين: الولايات المتحدة وروسيا

يأتي هذا الاتفاق وسط معادلة جيوسياسية معقدة، إذ تعتمد الهند بشكل كبير على النفط الروسي، خاصة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، حيث استفادت من أسعار النفط الروسي المخفضة نتيجة للعقوبات الغربية. غير أن العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة الأمريكية على شحنات النفط الروسي قد تعرقل قدرة الشركات الهندية على استيراده بأسعار تفضيلية.

ورغم ذلك، تؤكد مصادر هندية رسمية ومسؤولون في شركات النفط الوطنية أن الهند تسعى إلى تنويع مصادرها ولا ترى تعارضًا بين شراء النفط الروسي وزيادة وارداتها من النفط والغاز الأمريكي. ومع استمرار نمو الاقتصاد الهندي، وهو الأسرع نموًا بين الاقتصادات الكبرى عالميًا، ستبقى احتياجاتها من الطاقة في تزايد، مما يدفعها إلى تنويع مصادرها لتلبية الطلب المتزايد وضمان أمنها الطاقي.

شراكة طاقوية تعيد رسم العلاقات التجارية

يعد الاتفاق على زيادة واردات الطاقة من الولايات المتحدة خطوة استراتيجية للهند لتخفيف الضغط التجاري من الجانب الأمريكي، وفي الوقت نفسه، تأمين احتياجاتها المتنامية من الطاقة. كما يعكس هذا التوجه قدرة قطاع الطاقة على بناء جسور التعاون بين البلدين، رغم استمرار الخلافات التجارية بينهما في مجالات أخرى.

&nb