لماذا لم تلعب الصناديق العقارية دورا أكبر في سوق عقاري متطور كالامارات؟
الصندوق العقاري (REIT) هو شركة تملك أو تدير أو تمول عقارات مدرة للدخل في مجموعة متنوعة من القطاعات العقارية. على غرار صناديق الاستثمار المشتركة، توفر الصناديق العقارية للمستثمرين الأفراد فرصة الحصول على حصة من الأرباح المتولدة من ملكية العقارات التجارية دون الحاجة إلى شراء أو إدارة أو تمويل أي عقارات بأنفسهم.
تعتمد الصناديق العقارية بشكل أساسي على إيرادات الإيجار من العقارات التي تملكها، والتي يتم توزيعها على المساهمين على شكل أرباح. في الإمارات العربية المتحدة ذات القطاع العقاري المتنامي لماذا هناك نقص في وجود عدد من كاف من الصناديق العقارية؟
على الرغم من التحديات، فقد تمكنت بعض الصناديق العقارية في الإمارات من خلق قيمة كبيرة لمستثمريها. على سبيل المثال، أظهر صندوق الإمارات ريت وهي أول صندوق عقاري متوافق مع الشريعة الإسلامية في الإمارات، مرونة ونموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. بعد مواجهة خسائر كبيرة في عام 2020، تمكن صندوق الإمارات من العودة بقوة، حيث بلغت إيرادات العقارات 74 مليون دولار في عام 2023، بزيادة 10٪ عن العام السابق. كان هذا الانتعاش مدفوعًا بإدارة الأصول الاستراتيجية، بما في ذلك تحسين معدلات الإشغال وزيادة إيرادات الإيجار عبر محفظته. وبحلول عام 2023، نما صافي قيمة الأصول (NAV) للصندوق بنسبة 34٪ على أساس سنوي، مما يعكس قدرة الصناديق العقارية في الإمارات على تحقيق عوائد قوية على الرغم من تقلبات السوق.
وبالمثل، أظهر صندوق المال كابيتال ريت الذي تم إدراجه في سوق دبي المالي في عام 2021، أداءً قويًا أيضًا. فقد تضاعفت أصول الصندوق تقريبًا، مما يعكس التأثير الإيجابي للاستثمارات الاستراتيجية في سوق العقارات في دبي. يعزز هذا النمو قدرة الصناديق العقارية على الاستفادة من التوسع الاقتصادي وظروف السوق المواتية في المنطقة.
قبل تحقيق هذه الفترات من النمو، واجهت الصناديق العقارية في الإمارات تحديات كبيرة. كان أحد العوائق الرئيسية هو تقلب السوق العقاري من بعد الأزمة المالية عندما تغيرت قيم العقارات وايراداتها بشكل كبير. هذا التقلب جعل من الصعب على الصناديق العقارية تحقيق عوائد مستقرة، حيث تأثرت الإيرادات بشكل كبير بتغيرات التقييمات العقارية وإيرادات الإيجار. بالإضافة إلى ذلك، أدت الأزمة الاقتصادية الثانية الناجمة عن جائحة كوفيد -19 إلى تفاقم هذه التحديات، مما أدى إلى انخفاض الطلب على المساحات التجارية وتراجع معدلات الإشغال.
تعتمد معظم الصناديق العقارية في الإمارات على الاستثمارات في المواقع الرئيسية في دبي وأبو ظبي. على سبيل المثال، يمتلك صندوق الإمارات ريت محفظة عقارية تتركز بشكل كبير في دبي، خاصة في المناطق التجارية المتميزة مثل مركز دبي المالي العالمي والمناطق التجارية الأخرى. هذا التركز الجغرافي يمكن أن يكون سيفًا ذو حدين؛ فمن ناحية، يتيح للصندوق الاستفادة من الطلب القوي في هذه المناطق، ولكن من ناحية أخرى، يزيد من المخاطر في حال حدوث أي تباطؤ اقتصادي أو تغييرات سلبية في السوق العقاري في دبي ويؤثر على التصنيف العام للشركة ككل.
من ناحية أخرى، تتنوع استثمارات الصناديق العقارية بين عدة أنواع من العقارات، مثل العقارات التجارية، السكنية، التعليمية، والتجزئة. على سبيل المثال، يركز صندوق المال كابيتال ريت على استثمارات في العقارات التجارية بالإضافة إلى قطاعات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية. هذا التنوع في نوع العقارات يساعد على توزيع المخاطر عبر مختلف القطاعات العقارية، مما يقلل من تأثير أي تقلبات سلبية قد تحدث في قطاع معين.
هناك عدة أخطار وممارسات سيئة قد تهدد أداء الصناديق العقارية في الإمارات. أحد المخاطر الكبيرة هو الاعتماد على المكاسب المحاسبية غير النقدية الناتجة عن إعادة تقييم العقارات، والتي يمكن أن تعطي صورة مضخمة عن ربحية الصندوق. إذا استمرت الصناديق العقارية في توزيع هذه المكاسب غير المحققة كأرباح، فقد يؤدي ذلك إلى توزيع رأس المال على المساهمين بدلاً من الأرباح الحقيقية. هذه الممارسة يمكن أن تؤدي إلى توزيعات أرباح غير مستدامة وإضعاف المركز المالي للصندوق بمرور الوقت.
كما يشكل عدم التوافق بين حوافز الإدارة مهددًا آخر. في بعض الحالات، يتم تعويض مديري الصناديق العقارية بناءً على زيادة صافي قيمة الأصول (NAV)، حتى وإن لم تتحقق هذه المكاسب من خلال مبيعات أو تدفقات نقدية فعلية. هذا يمكن أن يشجع على استراتيجيات استثمار أكثر خطورة تركز على المكاسب قصيرة الأجل بدلاً من الاستقرار طويل الأجل. بالإضافة إلى ذلك، يشكل تأثر الصناديق العقارية بتقلبات أسعار الفائدة خطرًا آخر، حيث يمكن أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكاليف الاقتراض وتقليل جاذبية أرباح الصناديق مقارنة بالاستثمارات الثابتة الأخرى.
وأخيرًا، قد تؤثر العوامل الاقتصادية الخارجية مثل التضخم العالمي وإمكانية حدوث ركود اقتصادي آخر سلبًا على أداء الصناديق العقارية. إذا انخفض الطلب على العقارات، فقد تنخفض معدلات الإشغال، مما يؤدي إلى تراجع إيرادات الإيجار وانخفاض قيم العقارات.
كلا الصندوقين، **صندوق الإمارات ريت** و**صندوق المال كابيتال ريت**، قاما بتوزيعات سنوية للمستثمرين كجزء من استراتيجياتهما لتحقيق دخل مستمر للمساهمين. يتم توزيع نسبة كبيرة من الأرباح المحققة كأرباح نقدية سنوية. ومع ذلك، كان هناك بعض التذبذب في مستوى هذه التوزيعات بسبب التحديات التي واجهتها الصناديق، خاصة خلال فترة الاضطرابات الاقتصادية. التوزيعات السنوية تعكس الأداء العام للصندوقين وقدرتهما على تحقيق الدخل من أصولهما العقارية، ولكن يمكن أن تتأثر بعوامل مثل تقلبات السوق والظروف الاقتصادية العامة.
في الختام، على الرغم من أن الصناديق العقارية في الإمارات أظهرت قدرة على خلق قيمة للمستثمرين والاستفادة من سوق العقارات الديناميكي في المنطقة، إلا أنها ليست خالية من التحديات والمخاطر. فهم آليات عمل الصناديق العقارية، والاعتراف بالعقبات التي تغلبت عليها، ومعرفة التهديدات المحتملة في المستقبل أمور أساسية للمستثمرين الذين يسعون إلى الاستثمار في هذا القطاع المتطور. مع استمرار نمو سوق العقارات في الإمارات، من الممكن للصناديق العقارية تلعب ان دورًا محوريًا، شريطة أن تدير المخاطر بفعالية وتلتزم بممارسات تعود بالنفع على المدى الطويل.